X

العسل بين فكي الغش والسعر

العسل بين فكي الغش والسعر

العسل هو ما تجمعه شغالات النحل من رحيق الأزهار وتقوم بإنضاجه، وذلك بخفض نسبة الرطوبة إلى أقل من 20% وخفض نسبة السكروز إلى نسبة منخفضة أقل من 5% وذلك بواسطة إفراز الانزيمات، وخاصة أنزيم الإنفرتيز لتحويل السكروز إلى جلوكوز وفركتوز. فعسل النحل يحتوي على 181 عنصراً ومادة، وجزء منها علاجي وهذا مصداقٌ لقوله تعالى “فيه شفاءٌ للناس” الآية 69 سورة النحل.

لدينا تصور كبير عن عسل النحل في السوق من ناحيتي الجودة وطريقة تداول المحلات العسل النحل ولابد من إيضاحها للمستهلك ليكون على دراية تامة بما يدور حوله لكي لا يقع فريسة سهلة لأحد ضعاف النفوس؛ إما بشراء عسل غير صالح للاستهلاك الآدمي أو مغشوش أوكلاهما معاً وبمبالغ باهظة، فالمحلات منها ما يقوم بتحليل أي كمية ترد إليه قبل شرائها، كل جركل على حدة ليكون على بينة من طبيعة العسل وتركيبه وجودته ويشترى ما يثبت بالفحص المخبري أن جودته عالية ويرفض عكس ذلك.

الأساليب القديمة هي غالباً تخمينات لا تعتمد على أساس علمي كحرق العسل ووضعه في التراب أو أخذ جزء منه ويلاحظ انسيابه (هل يقطع أولا) إضافة إلى غيرها من الطرق.

وهنا نسأل الأشخاص الذين يدعون قدرتهم على تمييز العسل الطبيعي من المغشوش بطرق مختلفة مثل حرق العسل أو وضعه على الرمل أو ملاحظة انسيابه من ملعقة (هل ينقطع أم لا) هل يمكن تحديد نشاط الأنزيمات أو الهيدروكسي ميثيل فورفورال من خلال ذلك؟ الإجابة لا، لا يمكن؛ إذًا كيف تكون هذه الطرق دقيقة؟ وهل تكون أدق من التحاليل المخبرية بأجهزة حديثة وبطرق علمية.

نوضح للمستهلك أن مثل هذه الادعاءات من طرق مختلفة لا تعتمد على أساس علمي، ولإثبات ذلك (كمثال وضع العسل في الرمل) أنه عندما تلقي بقطرة عسل في الرمل فإنها إما أن تتكور أو تختلط مع الرمل وذلك بسبب نسبة الرطوبة؛ فعندما تكون عالية تختلط وإذا كانت عكس ذلك (منخفضة) تتكور ولا تختلط لعدم نفاذ الرمل داخل جزيئاتها. لذا نجد أن هذه الطريقة حددت الرطوبة في العسل (وهذا ممكن ملاحظته من خلال تحريك البرطمان ومشاهدة مدى سيولته) فذلك لا يحدد النسبة المئوية للسكروز ولا بقية المكونات وكذلك انسياب العسل هل ينقطع أم لا شبيه بذلك.

إذاً فالفحوص والتحاليل المخبرية هي السبيل الوحيدة لمعرفة جودة العسل، كما أن هناك من يرفض شرط المستهلك بأن يقوم بفحص العسل أولاً وذلك لتخوفه من انكشاف أمره لعدم ثقته من العسل الموجود لديه.

إن مجال سوق العسل في المملكة ودول الخليج واسع ويعمل به أناس كثيرون لسهولة التعامل مع العسل مقارنة بقية المواد الغذائية، بالإضافة إلى أن السعر والأرباح غير محددة بسقف معين، وهو مجال للكسب المادي السريع وخاصة من يقوم ببيع عسل مستورد ويدعي أنه محلي ليرفع السعر.

وقد اتضح من خلال المصطافين للمنطقة الجنوبية (عسير) الذين قاموا بشراء أعسال معروضة من قبل مواطنين من نفس المنطقة ادعوا أنها من مناحلهم الخاصة وبمبالغ باهظة، وبعد الفحص والتحليل المخبري ثبت أنها جيدة ولكن مصدرها الزهري صنوبر وسنديان وأشجار لا توجد في الجزيرة العربية، فالجزيرة لا يوجد بها صنوبر. إذًا هذا العسل إما تركي أو من بعض مناطق الشام أو روسيا أو مخلوط مع عسل محلي، وهذه العمليات حدثت مع عدد من الناس تعد غشًا وتدليسًا وادعاء مصدر كاذب لرفع الثمن .

البعض دفع مبالغ باهظة القدر من العسل يحتوي على ما يقارب 10-15 كجم من العسل أو أقل، في حين أن سعره الحقيقي أقل بكثير إذا اشتراه من أحد باعة العسل التركي. كما يقوم بعض الباعة أيضًا بأخذ العسل وتفريغه في قدور أو ربعيه أو قص شمع العسل وتعبئته في قدور على أنه عسل محلي… إلى غير ذلك من عمليات التحايل.

وقد استفاد والحمد لله شريحة كبيرة من المستهلكين من إيضاح الحقائق لديهم بالتحاليل المخبرية وتفادوا دفع مبالغ باهظة في أعسال لا تستحق إما بسبب ادعاء المصدر الكاذب أو تغذية صناعية أو عدم صلاحيتها للاستهلاك الآدمي.

يكون المستهلك في حيرة من أمره ما هو العسل الطبيعي، وأي نوع هو الأفضل وأين يجده؟ وكيف يحفظه؟ فالعرض كثير على حساب الجودة والسوق مليئة بأنواع من العسل المعروض (محلي ومستورد) ومنها ما هو مجهول الهوية ويسمى باسم المصدر النباتي كعسل السدر أو الطلح أو البرسيم دون تحديد اسم البلد المنتج. فوجود العسل بهذه الكثرة وتفاوت الأسعار قلل من ثقة المستهلك فيه، وقد يقع في فخ السعر الأعلى بحثًا عن الأفضل وقد لا يوفق في ذلك، كما أن ممارسات بعض النحالين وتجار العسل قد تفقد العسل خاصيته العلاجية بل قد يُعد من السلع الغذائية غير الصالحة للاستهلاك الآدمي.

د. إبراهيم العريفي: دكتوراه في علوم الأغذيه والتغذيه - خبير العلاج بالعسل ومنتجات النحل والطب البديل. مشرف على ميزان الصحه للتغذيه العلاجيه و مختبر جودة العسل في الرياض - المملكة العربية السعودية
Related Post
Leave a Comment