الشمع Wax
شمع النحل هو مادة دهنية ثابتة كيميائياً، متصلب على شكل صفائح رقيقة، شفافة اللون تقريبًا. وهو يؤلف البنية الأساسية للخلية، وتتشكل منه أقراص العسل وكذلك أغطيتها. تفرز هذه المادة ثماني غدد موجودة على بطن العاملات ويصل الإفراز إلى ذروته ما بين اليوم الثالث عشر والثامن عشر من حياة النحلة ثم يأخذ بالتناقص حتى موت النحلة. عند إفرازه يكون لون الشمع أبيض ولكن سرعان ما يتلون بفعل العسل وغبار الطلع والبروبليس.
يحتوى شمع العسل على 300 عنصر، الثلثين منها استيرات مندمجة مع أحماض دهنية حيوية أما الثلث الآخر فيتكون من أحماض دهنية حرة وكربوهيدرات مشبعة وأنزيمات وبعض الماء (2%)، ونسبة ضئيلة من مواد متنوعة (أصباغ، بروبليس، مواد غير معروفة) بينها وفرة كبيرة من الفيتامينA.
نعرف على وجه التأكيد بأن شمع العسل تمتع بصيت واسع في العصور القديمة، فمن المسلَّمات في الطب أن خواصه الفيزيائية ذات قيمة كبيرة في علاج الجروح والحروق والاعتناء بالجلد. وأوصى أبقراط باستعماله على الرقبة لعلاج القروح التي تفرز الصديد. واستعمله ابن سينا لعلاج السعال الجاف المزمن ولإدرار حليب الأم المرضعة.
ولكن استعماله في الطب العام اختفى في القرون اللاحقة وحتى قبل نحو 25 سنة وبالتوافق مع تنامي الزراعة العضوية وإعادة الاعتبار إلى ما يسمى “الطب الأخضر” عاد شمع النحل ليشكل جزءًا من العلاجات المعترف بها، ويستعمل حاليًا لعلاج التهاب المفاصل والتهاب الجيوب الأنفية والربو والآفات الجلدية، ويبدو أنه يتمتع بخواص مضادة قوية لبعض أنواع البكتيريا مثل السالمونيلا.
يستعمل شمع العسل في عمليات التطعيم في الأشجار المثمرة، أو سد الشقوق وكذلك تغطية جروح الجزع. تطلق الشموع المصنوعة من شمع النحل، وكذلك بعض علب عود النقاب والفتائل المستعملة في الإنارة رائحة لطيفة ومُسكنة وقادرة على تطهير المجاري التنفسية والأمكنة حيث يجرى استخدامها، وذلك بإبعاد الحشرات وحماية الأشياء التي أشعلت بجانبها.
والشمع عبارة عن سلاح جيد في مقاومة الميكروبات والتي تغزو مساكننا في المدينة دون توقف، وضد الغبار الذي يحملها. ويستحب استخدامها بصورة خاصة في غرف المرضي، وفي الأمكنة الرطبة عند تفشى أوبئة النزلات الوافدة. ويمكن دهن الأرضيات الخشبية للغرف وكذلك الأثاث بهذا النوع من الشمع فتكون لها نفس الخواص العطرية والعلاجية.
كما يساعد الشمع على حفظ الجلود بشكل ممتاز، كالأحذية وسروج الخيول. كما يحافظ على المعادن: حيث تطلى الأفران والمدافئ. وقد استخدم الشمع لمدة طويلة في الكتابة، كما استخدم حديثا في الرسم على الزجاج، وفي الحفر، وفي صنع نماذج مجسمة من الشمع، وفى الأختام، وفى ختم المغلفات، وفى إزالة الشعر، كما يستخدم في عمليات تلوين البرونز الفني وتلميع المرمر.
ويستخدم أيضاً في صنع القوالب، وفي إنتاج الأقنعة، وفي صنع الأوراق، وفي ختم القوارير، وفي أعمال تجليد الكتب، وفي الرسم، والنحت، وفي صيانة الأنسجة المشمعة والبياضات المشمعة، وفي حفظ الفواكه والمربات، وفي إنتاج ورق الانكساريات (انكسار الضوء)، وفي إعداد الفواكه والخضار والأزهار الاصطناعية. كما يستخدم في صناعة مجسمات مختلفة الألوان لتقليد النماذج الأصلية أو أجزاء التشريح.
ويستخدم الشمع في الطب وفي صناعة مواد التجميل حيث يدخل في صناعة المراهم، اللزقات، التحاميل، الصابون، أحمر الشفاه. ويكمن السبب في استعمال شمع العسل في صناعة مستحضرات التجميل إلى خواصه الفيزيائية المثيرة للاهتمام فهو مرن قابل للطرق والتصفيح، والتكيف، ينصهر عند درجات حرارة منخفضة ولا يذوب في الماء، وغير ضار وقابل للاندماج مع مجموعة كبيرة من المواد العضوية.
والشمع صالح لاستخدامات عديدة، ويزداد استعماله أكثر فأكثر لأنه حتى تاريخه لم يستطع أحد أن يركب صناعياً مادة تحوي كل مواصفات شمع النحل، ولذلك يضاف إلى كريمات الوجه والكريمات المضادة للتجاعيد والأقنعة وحليب تنظيف الماكياج.