النحل في الشتاء
تؤثر درجة حرارة على نشاط النحل تأثيراً واضحاً فمن المعروف أن النحل يكاد يقف نشاطه تحت درجة 10° مئوية، حيث نجد أن النحل تقل قابليته للطيران خارج الخلية وقد يتجمع خارج الخلية على جدرانها هرباً من الحرارة الداخلية المرتفعة أما في درجة 10° م، تفقد الحشرة البالغة مقدرتها على الطيران، وبهبوطها إلى حوالي 8°م تفقد الحشرة القدرة على الحركة، إلا أن نحل العسل له المقدرة على تنظيم درجة الحرارة داخل المستعمرة إلى درجة كبيرة خاصة في منطقة الحضنة.
عندما تنخفض درجة الحرارة بمنطقة الحضنة تحت 34°م أو أقل نجد أن النحل يتجمع على هيئة كتلة تعرف باسم العنقود eluster وغالباً ما يحدث هذا التجمع في الجزء القاعدي الأمامي من الخلية ويتقدم الشتاء وانخفاض درجة الحرارة يتحرك التجمع إلى الصندوق العلوي إن وجد وإلى مؤخرة الخلية وتتكون الكتلة من مجموعة من النحل في الوسط وتعمل على رفع درجة الحرارة إلى 22-34°م ويزداد عدد النحل الذي يقوم بتوليد الحرارة كلما اشتدت البرودة.
يحيط بسطح هذه المجموعة من النحل مجموعة أخري تعمل على حفظ الحرارة ومنع تسربها خارج الكتلة ففي درجة الحرارة المرتفعة نوعا نجد أن هذه الطبقة السطحية تكون ساكنة وقد تحرك أجنحتها لتمتد إلى الجوانب وتغطي بعضها البعض كغطاء خارجي يمنع تسرب الحرارة وبانخفاض الحرارة نجد أن هذه الطبقة السطحية من النحل تقوم بحركات سريعة بأجنحتها وتزداد هذه الحركة بانخفاض الحرارة.
في درجة الحرارة المنخفضة جداً نجد أن شغالة هذه الطبقة تدخل رؤوسها داخل الكتلة وكذلك منطقة الصدر ولا يظهر من الحشرة إلا منطقة البطن فقط، والتي تقوم بحركة سريعة.
إن وظيفة النحل الموجود داخل العنقود cluster هو العمل على رفع درجة الحرارة نتيجة تغذية النحل على العسل ونشاطه العضلي المنتج للطاقة يزداد عدد النحل الذي يقوم بهذه الوظيفة كلما انخفضت الحرارة مع اشتراك النحل السطحي في توليد الحرارة وبذا تصبح كتلة النحل أكثر التصاقا واندماجاً كلما انخفضت الحرارة ويقل حجمها لتقلل من سطحها الخارجي في حين يقل التصاقها واندماجها ويسع حجمها بارتفاع درجة الحرارة وقد وجد أن درجة الحرارة الطبقة السطحية من الكتلة تقريباً ثابتة ومنخفضة بينما في داخلها نجدها ترتفع بانخفاض درجة الحرارة الخارجية.
من ذلك نري أن النحل يمكنه تكييف درجة الحرارة الطائفة إلى حد كبير ولذا فهو لا يتصف بظاهرة البيات الشتوي Hibernation التي توجد في معظم لحشرات وساعده على ذلك أسلوب معيشته الاجتماعي وتغذيته على مصدر غني بالطاقةـ وهو العسل واتصافه بظاهرة التجمع أو التعنقد Clustering التي تعمل على رفع درجة الحرارة بالخلية.
يقدر الفاقد من المستعمرات في الشتاء بحوالي 15% خاصة في البلدان التي تتميز بشتاء شديد البرودة، ويحدث هذا الفقد نتيجة عوامل عديدة، منها: الجوع Starvation، نقص حبوب اللقاح، ضعف الملكات أو فقدها، الإصابة ببعض أمراض الحضنة أو الحشرات الكاملة.
وقد يكون عدم إعداد الطوائف لتحمل البرد سبباً في فقد بعض المستعمرات وتعرف ذلك بعملية التشتية Wintering التي من أهم أغراضها هو حماية النحل من البرد وتوفير ما تبذله الشغالة من مجهود في توليد الطاقة لرفع الحرارة بالخلية، وبذا تصبح الشغالة صغيرة السن فسيولوجيا عند حلول الربيع وتقوم بأعمالها حتى تخلفها الشغالة الحديثة.