رحلة النحل لجمع الرحيق
تخرج الشغالات في رحلات لجمع الغذاء، وهى رحلات غير شاقة فلابد للنحلة من جمع نوعين من الغذاء لتعيش وتواصل حياتها:
* النوع الأول: وهو ما يبعث النحلة النشاط والقوة وتوليد الطاقة وهذا يتوافر في المواد السكرية الموجودة في رحيق الأزهار إفرازات بعض الغدد النباتية.
* النوع الثاني: وهو لازم لبناء خلايا جسم النحلة، وهذا يتوافر في المواد البروتينية الموجودة في حبوب اللقاح.
فعلي النحلة أن تجمع الرحيق وحبوب اللقاح من الأزهار.
– كيف تجمع النحلة الرحيق؟
النحل مخلوق ذكي حصيف، يعمد إلى أغني المصادر بالرحيق حتي يستطيع جمع أكبر كمية في أقل وقت ممكن، ولذلك تخرج مجموعة من الشغالات تُعرف باسم (الكشافة) للبحث عن مصادر الرحيق ثم تعود لتخبر بقية الشغالات عن مصدر الرحيق، وعن اتجاهه، وبُعده عن الخلية، ودرجة تركيز السكر فيه، كل ذلك عن طريق رقصات خاصة، وهى لغة التفاهم بين النحل.
وتقوم الشغالات بتقسيم نفسها إلى قسمين: قسم يجمع الرحيق من الأزهار ويعود به إلى الخلية، ويًعرف هذا القسم باسم (شغالات الحقل) والقسم الثاني يعمل داخل الخلية، حيث يستقب الرحيق من شغالات الحقل ليضعه في الأقراص الشمعية الخاصة ويُعرف هذا القسم باسم (شغالات الخلية).
والرحيق سائل سكري تفرزه مجموعة من الخلايا المغذية في النباتات الزهرية، ويحتوي الرحيق على ثلاثة أنواع من السكريات بنسب متفاوتة وهي:
السكروز (سكر القصب)، والجلوكوز (سكر العنب)، والفكرتوز (سكر الفواكه)، علاوة على آثار السكريات الأخرى وبعض المواد كالدكسترين، والإنزيمات، والفيتامينات، والبروتينات، والزيوت الطيارة، والصموغ، والأحماض العضوية، والمواد المعدنية، وتوجد في بعض أنواع الرحيق مواد تكسبها رائحة مميزة مثل (استرا تثرانيلات الميثايل) التي توجد في رحيق الموالح.
يبلغ متوسط تركيز السكر في الرحيق 40-35% وقد تصل إلى 60% ونادراً ما تجمع النحلة رحيقاً أقل تركيزا من 15% وعموماً فإن تركيز الرحيق في النبات الواحد يختلف من يوم لآخر، بل من ساعة لأخرى تبعاً لنسبة الرطوبة في الجو.
تمد النحلة خرطومها الطويل لتمتص الرحيق بواسطة الخاص الشعرية ثم ينتقل إلى فراغ الفم بمساعدة حركات عضلات البلعوم وتنتقل النحلة من زهرة إلى أخري دون توقف حتي تكمل حمولتها ثم تعود إلى الخلية محملة بالرحيق فتحتار مكاناً مزدحماً بالشغالات القريبة منها، وتلامسها بقرون استشعارها لتكتسب رائحة الأزهار، وتستعد لزيارة نفس الأزهار بعد ن أصبحت معلومة لديها.
وأثناء عودة شغالة الحقل إلى الخلية محملة بالرحيق يتحلل معظم سكريات الرحيق الثنائية كالسكروز إلي سكريات أحادية (جلوكوز وفركتوز) وذلك بفعل إنزيم (الإنفرتيز) الذي تفرزه الغدد اللعابية للنحلة، وتتم عملية التحلل هذه في حوصلة شغالة الخلية بعد نقل الرحيق غليها كما يتم تبخير نسبة كبيرة من ماء الرحيق أثناء هذه الرحلة وعند وصول شغالة الحقل إلى الخلية تقوم بفتح كفيها العلويين قدر الإمكان بينما تمد شغالة الخلية خرطومها لامتصاص الرحيق وقلة إليها، فإذا فرغت شغالة الحقل من حمولتها مسحت خرطومها وعيونها وتناولت كمية قليلة من الغذاء واستعدت لرحلة ثانية في الوقت الذي تقوم فيه شغالة الخلية بالبحث عن المكان المناسب والنظيف لوضع الرحيق فإذا وجدت الشغالة الخلية السداسية النظيفة تعلقت بها وجعلت مؤخرة بطنها إلى أسفل ورأسها إلى أعلي ثم تفتح فكيها وتحرك خرطومها حركة طفيفة حتي تكون نقطة من الرحيق عند زاوية الخرطوم فتضعها على جدار الخلية السداسية، وتتكرر هذه العملية حتي تنتهي الشغالة من إفراغ ما لديها من عسل ويستغرق ذلك حوالي 30 دقيقة وتُعرف هذه العلمية باسم (الإنضاج) ويعرف العسل في هذه الحالة بالعسل غير الناضج أو العسل الأخضر.
بعد ذلك تقوم بعض الشغالات بالتهوية بأجنحتها داخل الخلية لطرد الهواء المحمل بالرطوبة، وفى خلال ثلاثة أيام يصبح تركيز العسل حوالي 80% ويتبخر الماء الزائد يصير العسل ناضجاً حيث لا تزيد نسبة الرطوبة فيه عن 20-18% بعد ذلك تقوم الشغالات بتغطية العسل في عيونه السداسية بغطاء شمعي مُصمت حتي لا يتسرب إليه الفساد أو التغير ويمكن حفظه سنوات كثيرة.
وللحصول على كيلوجرام من العسل الناضج فعلي النحل أن يجمع 4-3كيلوجرام من الرحيق، وليس هذا بالأمر السهل كما سنري بل قد يكون مستحيلاً في عالم البشر، أما في عالم النحل فهو شيء يسير، ذالك العالم الذي لا يعرف الخمول أو الكسل ولم يتطرق اليأس يوماً إلى قلوب أفراده.
فلكي تحصل النحلة على 100جرام من العسل فعليها أن تزور مليون زهرة، والكيلوجرام من العسل يكلف النحلة ما بين 150.000-120.000 حمل من الرحيق، فلو فرضنا أن الزهور التي تحصل منها النحلة على الرحيق تقع على بعد كيلومتر ونصف من الخلية، فعلي النحلة أن تطير ثلاثة كيلومترات لنقل الحمل الواحد ذهاباً وإياباً أي حوالي 450.000-360.000 كيلو متر لتكوين كيلوجرام من العسل وهذه المسافة تعادل 11-8.5 مرة محيط الأرض حول خط الاستواء!.