العسل عند الصينيين القدامى
استعمل الصينيون العسل كعلاج طبيعي، ولم يتخذوه كمادة للتحلية بسبب وجرد قصب السكر بوفرة لديهم. وقد وصف العسل في إحدى الكتب الصينية القديمة بأنه “دواء الخلود” ومازال للعسل دور ملحوظ في الطب الشعبي في الصين حتى الآن. وقد يقول قائل إن هذا إلا أساطير. ولكن ينبغي أن نتذكر أن مجتمعاً استطاع بناء حضارة عظيمة لابد أن يكون لديه من الخبرة والذكاء ما يستطيع بهما أن يتعلم من ملاحظات فردية ويعالج بوسائل بسيطة العديد من الأمراض الشائعة.
العسل في الهند القديمة
حتى فترة قريبة جدا كانت وسائل تربية النحل المتبعة في كشمير تشابه طرق تربية النحل التي اتخذها الآريون في الهند قبل أكثر من 1500 عام قبل الميلاد، وقد وجد الباحثون ذكر العسل في كتب الهندوس الطبية القديمة التي تسمى ” فيدا” والتي يقدر عمرها بأكثر من ثلاثة آلاف سنة. ومن هذه الكتب الطبية كتابان أحدهما جراحي والآخر للطب العام.
وقد وصف الجراح “سوشروتا” في كتابه “استعمال العسل في معالجة الجروح” وجاء على ذكر ثمانية أنواع من العسل لكل منها استعمالات طبية وخصائص ينفرد بها عن غيره. وقد وصف بعض الأنواع في معالجة الربو وبعضها الآخر في معالجة أمراض جلدية معقدة. وقد كتب العالم الهندي الشهير البروفسور “غودبول” الذي درس استعمالات العسل في الطب الهندي القديم: “بالرغم من أننا نجهل العديد من المكونات الكيميائية للعسل، فإننا دون شك ندرك أن طرق استعمال العسل قد عُرفت جيداً واستخدمت بشكل ذكي على مدى العصور” وتقول كتب الفيدا الطبية القديمة أن حياة الإنسان يمكن إطالتها إذا حافظ الإنسان على وجبات معينة أهم عناصرها اللبن والعسل.
العسل في روسيا
اعتمد الطب الشعبي القديم في روسيا على العسل في علاجهم للمرضى. ونجد أن العسل قد وُصف في كتبهم الطبية القديمة كعلاج خلاب. فهل لهم أن يصفوا العسل هذا الوصف لولا أنهم رأوا بأعينهم النتائج الباهرة للمعالجة بالعسل. وهناك حالياً اهتمام كبير بالعسل من جانب الأطباء في كبرى مستشفيات روسيا، ونجد العديد من المقالات والدراسات الطبية والعلمية الحديثة حول العسل تصدر عن مستشفيات وجامعات روسية.
وتتوالى هذه المقالات في المجلات الطبية الروسية سنوياً ما يشير إلى مبلغ اهتمامهم بتلك المادة التي جعلها الله شفاء للناس.
إضافة إلى ذلك كان العسل يُعد غذاءاً مرموقاً ويدخل ضمن مكونات المشروبات المفضلة، وأثنت الأساطير القديمة على خصائص العسل الغذائية الباعثة للنشاط والحيوية وفيها الكثير من الرموز والإشارات الضمنية عن القوى الشفائية السحرية للعسل. وكان الإغريق القدامى يعتبروه مادة ثمينة جداً وجعلوا منه قرباناً يقدم في طقوسهم الدينية.
في العصور الوسطى كانت تجبى ضريبة خاصة على قفران النحل في أوروبا واستمر تحصيلها حتى سنة 1934م. وبسبب اعتباره مادة ثمينة استعمل غالبًا كعملة حقيقية وكانت تجبى بعض الضرائب في عهد الإمبراطور شارلمان بهذا الذهب السائل، وكان الإمبراطور يرغم المزارعين على العمل في تربية النحل ودفع ثلثي محصولهم من العسل.